من هو بارباروس أمير البحار

كان بارباروس أمير البحار (خضر بن يعقوب) الملقب بخير الدين بربروس [أي ذو اللحية الحمراء] من أبرع من ركب البحر و قاد السفن و خاض معارك الفتوحات الإسلامية البحرية إبان الخلافة العثمانية ، و يحفظ لنا التاريخ رده على كارلوس الخامس (شارلكان) ملك أسبانيا عندما قال له الملك: “يجب ألا تنسى أن الأسبان لم يخسروا في أي معركة ، وأنهم قتلوا أخويك إلياس و عروج ، و إن تماديت فيما أنت عليه و لم ترجع إلى صوابك فإن عاقبتك ستكون أشنع من عاقبة أخويك إلياس و عروج “.

بارباروس أمير البحار


فأجاب بارباروس أمير البحار : “سترى غدا ، و إن غد لناظره قريب ، أن جنودك ستتطاير أشلاؤهم ، و أن مراكبك ستغرق ، و أن قوادك سيرجعون إليك مكللين بعار الهزيمة”.
فلما حاصر شارلكان الجزائر خرج له بارباروس أمير البحار بحزم وعزم ، و تلا بارباروس أمير البحار على جميع قواده و جنوده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَ يُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7] و تقدم إلى الميدان و معه رجاله، وقال لهم: “إن المسلمين في المشرق والمغرب يدعون لكم بالتوفيق ، لأن انتصاركم انتصار لهم، و إن سحقكم لهؤلاء الجنود الصليبيين سيرفع من شأن المسلمين و شأن الإسلام فصاحوا كلهم: “الله أكبر” و هاجموا الأسبان فأبادوهم عن آخرهم. 

بارباروس (Barbarossa) هو لقب يطلق على عدد من الأمراء العثمانيين و المشاهير الآخرين ، و لكن الشخص الذي يشار إليه عادة باسم “بارباروس أمير البحار” هو خير الدين بربروس ، الذي كان قائدا عسكريا في الدولة العثمانية في الفترة بين 1481 و 1512. و كان يعتبر بارباروس أمير البحار أحد أهم الأمراء في تلك الفترة، و قائداً عسكرياً بارزاً و أميراً للبحار ، حيث اشتهر بجهوده في مكافحة القرصنة في المتوسط.

تميز بارباروس أمير البحار بشجاعته و براعته العسكرية و قدرته على التخطيط الاستراتيجي و القيادة. و كان له دور مهم في توسيع نفوذ الدولة العثمانية في المتوسط و سيطرتها على عدد من الموانئ الحيوية والجزر . و يعتبر بارباروس أمير البحار أحد الشخصيات التي أثرت بشكل كبير على التاريخ العثماني و المتوسطي ، و لقد كان له دور في تشكيل العديد من الأحداث الهامة في تلك الفترة، بما في ذلك حصار مالطا الشهير في 1565.

الدين بربروس

كان بارباروس أمير البحار أحد القادة العسكريين الأكثر شهرة في تاريخ الدولة العثمانية ، حيث نجح في توسيع نفوذها و توحيد سلطتها على العديد من المناطق المهمة في البحر المتوسط ، مثل الجزائر و تونس و طرابلس و الجزر اليونانية.

يشتهر بارباروس أمير البحار بقوته و شجاعته في المعارك البحرية و في الحروب ضد الدول الأوروبية المتنافسة.

يعد بارباروس أمير البحار واحداً من الشخصيات الهامة في تاريخ البحر المتوسط و الإسلام ، و قد تم تصويره في العديد من الأعمال الفنية و الأدبية و السينمائية.

من هي عائلة بارباروس أمير البحار

 يرجع أصل الأخوين المجاهدين “عروج وخير الدين” إلى الأتراك المسلمين، والدهما “يعقوب بن يوسف” من بقايا المسلمين الأتراك الذين استقروا في جزيرة “مدللي” إحدى جزر الأرخبيل وأمهما سيدة مسلمة أندلسية كان لها الأثر على الأخوين في توجيههما للجهاد في سبيل الله ضد الصليبيين الأسبان والبرتغال،

البحار بارباروسا. خير الدين بربروس 768x432 1

اتجه الأخوان عروج و خير الدين بارباروس أمير البحار إلى الجهاد البحري منذ الصغر بدافع من والدتهما الأندلسية ، و قد استطاع الأخوان أن يُكونا مجموعة قتالية صغيرة مكونة من عدة سفن صغيرة لبحارة مسلمين ؛ و استطاعت هذه المجموعة تحقيق انتصارات رائعة على القراصنة الصليبيين الذين كانوا يعيثون في المنطقة فسادًا و يستولون على سفن المسلمين و يأخذونهم كأسرى و عبيد ، فأثارت هذه الانتصارات إعجاب القوى المسلمة الضعيفة في شمال أفريقيا فأعطاهم السلطان حق الإقامة بجزيرة “جربة” التونسية

تحالف الأخوين “عروج و بارباروس أمير البحار” مع العثمانيين سنة 920هـ ” ضد صليبي إسبانيا و البرتغال لتهديدهما المباشر للمسلمين في الخليج العربي و الهند بعد احتلال البرتغاليين لعدن و مدن أخرى في جنوب الجزيرة بغية التوجه للأماكن المقدسة و أخذ جثة النبي صلى الله عليه و سلم و المساومة بها على بيت القدس.
بعد استشهاد عروج أصبح بارباروس أمير البحار شبحا و رعبا يشغل عقول الصليبيين في أوروبا و إسبانيا لفترة طويلة و استولى على تفكيرهم

بارباروس أمير البحار قائدا للأسطول العثماني

كافأ السلطان سليمان القانوني بارباروس أمير البحار على جهوده بتعيينه قائدًا للأسطول العثماني ، وعين ابنه “حسن باشا” واليًا للجزائر (الذي خلف أباه في مهاجمة الإسبان).

قام بربروس بعدة حملات بحرية موفقة ، كانت هذه المعركة أشهرها و أعظمها في البحر المتوسط ، حيث تحالف الصليبيون على إثر نداء البابا في روما مكونين أسطولا ضخما من 600 سفينة تحمل قرابة 60 ألف جندي بقيادة القائد الأوروبي “أندريا دوريا”، أما الأسطول العثماني فقد تألفت قواته من 122 سفينة تحمل 22 ألف جندي.

التقى الأسطولان في “بروزة” يوم 29 سبتمبر/ أيلول 1538، و قام بربروس بمفاجأة خصمه قبل أن يتأهب للقتال ، مما أدى إلى تفرق سفن العدو من هول الصدمة و هروب قائدهم من ميدان المعركة التي استمرت خمس ساعات فقط ، و انتصر القائد المجاهد بحنكته و ذكائه ، مما أثار فزع وهلع الصليبيين في أوروبا، وأعاد للبحرية العثمانية هيبتها. وعلى إثر هذا النصر أقيمت الاحتفالات في جميع أنحاء الدولة العثمانية بأمر سلطاني.

كانت بين ملك فرنسا “فرانسوا الأول” والسلطان “سليمان القانوني” علاقات دبلوماسية، وكان يطلب من السلطان مساعدات حربية أثناء نشوب حرب بينه وبين ملك إسبانيا “شارل الخامس” حول دوقية ميلان الإيطالية.

كلّف السلطان قائده بارباروس أمير البحار بالاتجاه بأسطوله نحو فرنسا ، فغادر إسطنبول في 28 أيار/ مايو 1543 و استولى في طريقه على مدينتي “مسينة” التابعة لصقلية و”ريجيو” الإيطالية، و عند وصوله إلى ميناء “ولون” (قاعدة بحرية فرنسية في البحر المتوسط) رفعت الأعلام العثمانية على السفينة الفرنسية المستقبلة لهم و أطلقت المدافع تحية للعثمانيين ، و اتّحد الأسطول الفرنسي المكون من 44 سفينة مع الأسطول العثماني تحت قيادة بارباروس أمير البحار ، و تحرك الأسطولان المتّحدان إلى ميناء “نيس” الفرنسية ، و نجحا في استعادته في 22 آب 1543.

و بعد هذا النصر، عقدت معاهدة بين الدولتين في 16 أيلول 1543 تنازلت فيها فرنسا عن ميناء طولون برضاها للإدارة العثمانية ، و تم إخلاؤها من جميع سكانها بأمر من الحكومة الفرنسية ، و رفع عليها العلم العثماني ، و ارتفع الأذان في جنبات المدينة ، و تحول الميناء الحربي الفرنسي إلى قاعدة حربية إسلامية عثمانية.

و خلال ثمانية أشهر شنّ العثمانيون هجمات بحرية ناجحة على سواحل إسبانيا و إيطاليا بقيادة بارباروس أمير البحار .

وبعد الحملات عاد القائد إلى إسطنبول، و لم تطل به الحياة، إذ توفي في قصره المطل على البوسفور في 4 تموز 1546، و أغلقت بوفاته صفحة من صفحات القوة في تاريخ الأساطيل البحرية الإسلامية.

بارباروس أمير البحار ينقذ مسلمي الأندلس

هال الإسبان قوة الدولة الفتية وتوسعها، فأعدوا حملة من 15 ألف مقاتل لقمعها، وتوغلوا في الجزائر وحاصروا تلمسان. وأسر عروج ثم قتل في شهر آب/ أغسطس 1518 فخلفه أخوه الأصغر بربروس وأصبح حاكمًا للجزائر.

ولم تكن قوته تكفي لمواجهة الإسبان فطلب من السلطان سليم الأول المدد، فأمدّه بقوة من سلاح المدفعية و2000 من جنود الانكشارية الأشدّاء.

طلب السلطان سليم الأول من بربروس إنقاذ مسلمي الأندلس من محاكم التفتيش الإسبانية التي كانت تذيقهم الويلات، فأبحر من أقصى الشرق في تركيا إلى أقصى الغرب في الأندلس لمحاربة الجيوش الصليبية (الإسبانية، والبرتغالية، والإيطالية، وسفن القديس يوحنا).

اخترق بربروس الحصون البحرية وتمكن من الرسوّ الآمن، ودمّر الحامية الإسبانية للمدينة ثم دخل إلى اليابسة، وخاض حرب شوارع ورفع راية الإسلام على قلاعها. باغت بربروس الكنائس للحيلولة دون هروب القساوسة الكاثوليك الذين كانوا يعرفون أماكن التعذيب السرية، حيث تم البحث الفوري في جميع أبنية الكنائس المظلمة وعثر على الغرب السرية التي يعذب فيها المسلمون.

راعى بربروس عدم نقل المسلمين من أقبية السجون المظلمة حتى غياب الشمس لتجنّب إصابتهم بالعمى نتيجة لعدم رؤيتهم للشمس منذ سنين، كما تم نقل الأسرى إلى السفن الإسلامية متجنبين تعرض جلودهم الهزيلة للتمزق أثناء الحمل.

كما تنبّه إلى ألا تستمر العملية منذ الرسو حتى الإقلاع أكثر من 6 ساعات قبل وصول أي مدد للعدو من المدن المجاورة، وأبحر تحت جنح الظلام، وتمكن من شلّ حركة العدو البحرية في طريق عودته للجزائر، على عكس ما ظن العدو أن عودته لتركيا التي أتى منها، فأراد بذلك خداع العدو وإنقاذ الأسرى لعلاجهم في أسرع وقت.

وتمّ نقل 70 ألف مسلم أندلسي في أسطول من 36 سفينة، وذلك في سبع رحلات في عام 1529، وتوطّنوا في الجزائر ممّا حصّنها ضد هجمات إسطنبول.

بارباروس أمير البحار في إسطنبول

بعد وفاة السلطان سليم الأول خلفه السلطان سليمان القانوني بمدّ بربروس بالسلاح والرجال. واستدعاه إلى اسطنبول ، وعهد إليه بإعادة تنظيم الأسطول والإشراف على بناء سفن جديدة، و وكّل إليه مهمة ضم تونس (تحكمها الدولة الحفصية) إلى الدولة العثمانية لأهمية موقعها.

غادر بربروس بأسطول من سفينة و 8 آلاف جندي باتجاه تونس ، و نجح بالاستيلاء عليها ، و أعلن تبعيتها للدولة العثمانية في عام 1534.

و ردا على انتصار بارباروس أمير البحار في تونس و هجومه على السواحل الإسبانية ، أعدّ الملك الإسباني شارل الخامس حملة جرّارة اتّجهت إلى تونس ، و تمكنت من الاستيلاء عليها في العام نفسه.

و رد بارباروس أمير البحار بغارة مفاجئة على جزر البليار في البحر المتوسط و أسر 6 آلاف من الإسبان و عاد بهم إلى الجزائر. وصلت أنباء الغارة إلى روما و هي تحتفل بانتزاع تونس من المسلمين.

https://www.turkpress.co/node/43915

استمرار فكر بارباروس أمير البحار حتى الان

رد التلفزيون التركي الحكومي على المعارضة الداخلية لإرسال قوات إلى ليبيا ، عارضا مشاهد مصورة قديمة لمؤسس الجمهورية التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك أثناء قتاله إلى جانب الثوار الليبيين في مواجهة الاحتلال الإيطالي.

و في تقرير بثته شاشتها العربية ، دعت قناة “تي.آر.تي” المعارضةَ التي يقودها “حزب الشعب الجمهوري” إلى “التمعن” في صورة لأتاتورك مضى عليها نحو 109 سنوات.

و منذ بدأ السجال الداخلي حول إرسال قوات تركية إلى ليبيا ، أخرجت كل من الحكومة و المعارضة ما في جعبتيهما من أوراق لتعزز بها موقفيهما ، بما في ذلك أجندة التاريخ و مواقف أنقرة من القضايا المشابهة.

فبينما استشهد قادة المعارضة و كتابها بموقف البرلمان الذي رفض إرسال القوات التركية للقتال في العراق عام 2003، شبّه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إرسال القوات إلى طرابلس بتوجه بارباروس أمير البحار على رأس الأساطيل البحرية لمواجهة أعداء الدولة العثمانية.

و بارباروس أمير البحار -الذي استشهد به أردوغان- يعرفه الأتراك جيدا، و يُطلَق عليه في المناهج الدراسية لقب “أمير البحار” ، و تُروى القصص عن سيرته في مواجهة الأوروبيين و فرضه الحصار على الشواطئ الفرنسية في القرن الـ 16.
 
لكن المراقبين الأتراك يرون في استدعاء التلفزيون الحكومي صور أتاتورك إلى جانب الثوار الليبيين أثرا أعمق ، و اعتبرها البعض “إنزالا خلف خطوط الخصوم”.

وسبق أردوغان الإعلام التركي إلى ميراث أتاتورك في ليبيا ، حين قال في حديث تلفزيوني إن بلاده “سترسل جيشها إلى ليبيا و تقاتل كما قاتل أتاتورك إلى جانب الليبيين هناك”.

و ترى الباحثة الأكاديمية في علم الدلالة بجامعة “أرل” آية جيليك أن استحضار سيرة أتاتورك أوصل -و بفعالية مطلقة- رسالة إلى المعارضة التركية عبر استخدام رمز دلالي أعلى في وعيها الجمعي ، و هو الزعيم و المؤسس أتاتورك

و اعتبرت أن هذه الخطوة أزالت الكثير من عقبات التشويش من أمام جمهور المعارضة في تعرضه للرسالة ، و خففت من تأثيرات الانطباع المسبق عن مصدر الرسالة باعتباره خصما سياسيا.

و أضافت جيليك في حديثها للجزيرة نت أن تلك الخطوة “أحدثت تأثيرا عميقا ، إذ أراحت أنصار المعارضة و قواعدها من جهة، و أحرجت قادة الرأي و المنظرين لها من جهة أخرى”.

و أشارت إلى أن الأتراك عادة ما يبحثون بجدية و شغف عن أي معلومة يتلقونها ، و وثقت محركات البحث في الشبكة العنكبوتية بحثهم أكثر من 230 مليون مرة عن معنى عبارة “الرفيق قبل الطريق” التي قالها أحمد داود أوغلو في خطاب رحيله عن الحكومة عام 2016.

كما نبهت جيليك إلى أن ارتباط كل عملية بحث بصورة أتاتورك في تركيا يحقق أثرا كبيرا ، بالنظر إلى أن الصورة تعد أهم مصدر للتأثير على المتلقي ، نظرا لارتباطها بحاسة البصر ذات الاتصال المباشر بالدماغ ، و لأن غالبية البشر -وفقا للدراسات- هم من النمط البصري الذي يتأثر بالصورة أكثر من أي مدخل آخر من مدخلات الحواس .

و تقول المصادر التاريخية التركية إن أتاتورك توجه عام 1911 إلى ليبيا بصحبة عدد من الضباط الأتراك لقتال المحتلين الإيطاليين ، و خاض مع الثوار العديد من المعارك خاصة في درنة و طبرق.

و يبدو استحضار تاريخ أتاتورك ملهما في سير المعارك و الحروب ، إذ يقول الباحث و المؤرخ التركي جنكيز أونال إن له “مكانة خاصة منفردة في الثقافة و الوعي التركي”.

التركية في ليبيا

و يشير إلى تقدير الأتراك بشكل خاص للقيمة الحربية لأتاتورك حيث خلعوا عليه في حياته لقب “الغازي”، و هو اللقب الأعلى في سلم المراتب و الدرجات القيادية لدى المجتمعات التركية عبر العصور.

و أوضح أونال في حديثه للجزيرة نت أن هناك دلالة خاصة لأتاتورك عند استحضاره في السياق العسكري ، فهو القائد الذي حمى التراب التركي من الغزو اليوناني ، و من الحلفاء الذين سعوا لاحتلال تركيا.

و كان البرلمان التركي قد صادق بأغلبية 325 صوتا مقابل 184 صوتا معارضا ، على مذكرة تفويض تسمح للرئاسة بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لدعم حكومة الوفاق.

المصادر

“أمير البحار” برباروس و”الغازي” أتاتورك.. هل يحيي أردوغان تاريخ أجداده؟ | أخبار سياسة | الجزيرة نت (aljazeera.net)