نصر الدين هوجا

من هو نصر الدين هوجا

يُقال بأن نصر الدين هوجا شخصية عالمية يذكرها الفرس باسم “مولا نصر الدين” و يذكرها العرب باسم “جحا” و يذكرها الإيطاليون و خاصة سكان جزيرة صقلية ، التي زارها نصر الدين هوجا و أقام بها فترة وجيزة ، باسم “جيوفا” أي “مُعلم”، و لتسطير شخصية نصر الدين هوجا العالمية بشكل رسمي أعلنت اليونسكو عام 1996 ـ 1997 عام نصرالدين هوجا الدولي

ولد في زمن الدولة السلوجقية عام 1208 في بلدة “أق شاهير” التابعة لمدينة قونيا التركية و عاش حياته في ظل الدولة السلجوقية و من ثم أوائل الدولة العثمانية إلا أنه توفي عام 1284.

عُرفت عنه رواياته و قصصه المُضحكة و الحكيمة في نفس الوقت ، و يعرفه الرحالة التركي “أولياء شلبي” بأنه رجل دين حكيم و تقي ، اشتُهِر في أوائل عهد الدولة العثمانية و عُرف بذكائه و كرامته و فلسفته و تقواه و جوابه الجاهز دومًا ، و يبين أولياء شلبي أن “نصر الدين خوجا كان يستعمل الفكاهة البحتة غير المحتوية على العبر وقت سقوطه في أمر محرج أو غير مناسب و من الأمثلة على ذلك أنه عندما سقط عن ظهر حماره قال كنت أتعلم القفز و لم أسقط كما تظنون”.

طرائف نصر الدين هوجا

كانت زوجة نصر الدين هوجا حاملًا ، و ذات ليلة ، بدأت آلام المخاض فنادى نصر الدين هوجا على الجيران و القابلة.

بدأت القابلة مساعدة زوجة نصر الدين هوجا على الولادة و سرعان ما صرخت: “هوجا ! (سيدي) لديك ابن!”

كان نصر الدين هوجا سعيدًا جدًا ، و بعد بضع دقائق ، نادت القابلة مرة أخرى ،

“يا هوجا! لديك أيضا فتاة.”

بعد قليل نادت مجددًا

“يا هوجا! لديك فتاة أخرى!”

هرع نصر الدين هوجا ، مسرعًا إلى الغرفة التي كانت تلد فيها زوجته و نفخ في الشموع و أطفأ الأنوار.

و عندما سألته المرأة في مفاجأة و ذهول “ماذا تفعل؟”.

رد عليها نصر الدين هوجا :

“حسنًا! كل من يرى النور يريد أن يخرج ، ماذا يمكنني أن أفعل؟”

نصر الدين هوجا في الثقافة التركية

أصبح نصر الدين هوجا عنصرًا هامًا في الثقافة التركية عقب وفاته ، حيث يعتقد البعض أنه ولد و هو يضحك على عكس معظم الأطفال.

كما تنتشر بعض المعتقدات ، حول زيارة قبر جحا ، حيث يعتقد البعض أن هناك شيئًا يجبر على الضحك عند زيارة القبر المثير للجدل.

تنتشر بعض الحكايات الأسطورية و التي يؤمن بها السكان المحليون ، حيث يؤمن البعض أن دفن الحبل السري للأطفال بجانب جحا ، سيؤدي إلى أن يكون الطفل ذكيًا و ظريفًا.

ما زالت شخصية نصرالدين هوجا الفكاهية و الفلسفية إلى يومنا الحالي حية بكافة جوانبها و قصصها التي تناقلاتها الأجيال في بلاد الأناضول لتصل بها إلى يومنا الحالي ، و كما هو الحال في السابق ما زال الشعب التركي إلى اليوم يستخدم قصص و حكايات و طرائف نصر الدين هوجا من أجل الفكاهة و توضيح بعض العبر.

نصر الدين هوجا

و من الطرائف الفكاهية و ذات الحكمة عن نصرالدين هوجا أنه “في أحد الأيام رأى وليمة كبيرة في أحد البيوت فلم يستطِع تحمل روائح اللحوم و الأرز القادمة من مكان الوليمة و استسلم لشهوته الطعامية و ذهب إلى المكان ، و عند بوابة المكان رآه الحارس غير لائق للدخول فأرجعه

و عندما سأل نصرالدين هوجا عن السبب أعلمه الرجل بأن منظره غير لائق ، ففكر نصر الدين هوجا بحل مناسب و ذهب إلى البيت و ارتدى معطف غالي الثمن باهر المنظر و أتى إلى مكان الوليمة و عندما رآه الحارس و الخدم رحبوا به بحفاوة و احترام كبيرين ، و عندما دخل نصر الدين هوجا مكان الوليمة و جلس على مائدة الطعام بدأ يدلو بالطعام على معطفه و يقول كل هيا كل! استغرب الجالسون و سألوا نصر الدين هوجا عن السبب فقال لهم أنتم لم تستقبلوني و استقبلتم هذا المعطف فليأكل المعطف”. بعد هذه القصة عرفه صاحب الوليمة و اعتذر منه و برر الأمر بعدم معرفة الحارس له ، و هنا استخراج لعبرة احترام الناس للشكل و ليس الشخص.

سأله أحدهم :
“يا هوجا أفندي (سيدي باللغة التركية) ، لماذا يذهب الناس إلى اتجاهات مختلفة ، عندما يغادرون منازلهم في الصباح؟”

ر دون تردد:
“إذا ذهبوا جميعهم إلى نفس الاتجاه ، فإن هذا سوف يخل بتوازن العالم!”.

الحكمة المستخلصة من القصة:

“إذا اختار جميع الناس اتجاهًا واحدًا أو رأيًا واحدًا فإن توازن العالم سيختل”.

نصر الدين هوجا يعظ الناس

من يَعْلَمْ يُعْلِمْ مَنْ لا يَعْلَمْ:

جلس يوما يعظ الناس في المسجد ؛ فقال لهم : أيها المؤمنون ، هل تعلمون ما سأقوله لكم؟

قالوا: كلا ! قال: مادمتم لاتعلمون ، فما فائدة الكلام؟ و قام وتركهم.

ثم عاد بعد أيام ، و أعاد على الناس نفس السؤال ، فرد الناس قائلين: نعم نعلم ! قال: مادمتم تعلمون فما فائدة الكلام؟ و غادر المسجد.

حار الناس في أمرهم ، و اتفقوا فيما بينهم إن سألهم نفس السؤال مرة أخرى أن يجيبه البعض بنعم و البعض الآخر بلا.

فلما أعاد السؤال للمرة الثالثة انقسم الناس كما اتفقوا ، فقال لهم: إذن فعلى من يَعْلَمْ أن يُعْلِمْ مَنْ لا يَعْلَمْ

في أحد الأيام ، جاء لص إلى منزل نصر الدين هوجا و أخذ كل ما يملكه باستثناء البطانية التي غطته.
عندما رأى الهوجا اللص يحمل كل أغراضه ، و ضع بطانيته على كتفيه و تبعه ، متخفيًا.

و عندما وصل اللص إلى منزله ، استدار و رأى الهوجا فسأله مستغربًا:
“ما الذي تفعله هنا؟”.

قال جحا: “ماذا أفعل هنا ، كيف تسألني هذا السؤال؟ ألم ننتقل إلى هذا المنزل؟”.

نصر الدين هوجا و الأذكياء

كان في زمنه بعض الرجال الأذكياء و المتعلمين يبحثون عن رجل ذكي يمكنه الإجابة على أسئلتهم الثلاثة.

سافر الرجال الثلاثه في جميع أنحاء العالم ثم قدموا إلى مدينة أق شهير ، و سألوا:
“من هو أذكى رجل في هذه المدينة؟”
و بالطبع أحضر أهالي البلدة نصر الدين هوجا إلى الرجال الثلاثة و بدأوا في طرح أسئلتهم عليه .

“السؤال الأول: أين النقطة المركزية في العالم؟”.
كان حمار نصر الدين هوجا معه. فأشار إلى حماره.
“حيث توجد الأرجل الأمامية لحماري ، هناك نقطة الوسط في العالم.”
“كيف يمكنك إثبات ذلك؟” سأل أحد الرجال.
قال نصر الدين هوجا : “إذا كنت لا تصدق ، يمكنك قياسه”.
لا يبدو القياس فكرة جيدة بالنسبة لهم ، لذلك انتقلوا إلى السؤال التالي.
“كم عدد النجوم في السماء؟”
رد نصر الدين هوجا دون تردد:
“ما يصل إلى عدد شعرات حماري.”
ضحك الرجال الثلاثة.
قال نصر الدين هوجا: “إذا كنت لا تصدق ذلك”. “يمكنك عدهم.”
و فهم الرجال أنهم لا يستطيعون الحصول على إجابة صحيحة و سأل أحدهم جحا:
“هل يمكنك أن تقول كم عدد شعرات حمارك؟”.

رد الهوجا قائلًا: بالطبع،! نعم ، يوجد نفس عدد الشعر الموجود في لحيتك ، الآن لا تقل لي أنك لا تصدق ذلك لأنني أستطيع إثبات ذلك بسحب شعر من لحيتك وآخر من الحمار. عندما نخرج كل شعرة واحدة تلو الأخرى ، يمكنك أن ترى في النهاية أن هناك نفس عدد الشعر “.

عاد الرجال الثلاثة إلى بلادهم و أخبروا الجميع أن أذكى رجل في العالم يعيش في مدينة أق شهير.

الحكمة المستخلصة من القصة: أعطى جحا درسًا للرجال الثلاث، ان لا يسألوا سؤالًا لا يعرفون إجابته.

شخصية نصر الدين هوجا تظهر في شوارع إسطنبول (الجزيرة)

نصر الدين هوجا

قبل عقود طويلة مضت ، ذاع صيت نصر الدين هوجا (أو خوجا) المعروف باسم “جحا” في المشرق العربي بالطريقة ذاتها التي عرف فيها بأدب أطفال العثمانيين ، لكن جحا نفسه ما زال حيا يرزق في شوارع إسطنبول من خلال تقمص بعض الأشخاص لهذه الشخصية ، وما زالت نوادره تثير اهتمام الكبار والصغار رغم اختلاف الأزمان.

ففي محيط بازار “كايا شهير” بمدينة إسطنبول حضر جحا بين الناس بـ”لحمه ودمه” و جبته الخضراء (جبة من الصوف) و عمامته الكبيرة حاملا سبحته الضخمة التي انتشرت صوره معها في كتب الحكايات ، و تجمع حوله الأطفال للاستماع إلى نوادره الفكاهية التي تحمل الكثير من العِبَر المستترة بين سذاجة ما يروي من قصص وروايات.

الحكمة


قال جحا في رد على سؤال الجزيرة نت بشأن سبب عودته للحياة، “أنا لم أمت أصلاً حتى أعود” قبل أن يشرح الكثير من القيم التي يمكن تلخيصها في أن حياة الإنسان تبدأ بعد موته حين يترك ذكرا طيبا في العالمين.


المصادر

نوادره لا تزال تثير الجميع.. جحا التركي حي يرزق في شوارع إسطنبول | أخبار منوعات | الجزيرة نت (aljazeera.net)